نفرض.. أنك أعطيت أي عامل أجنبي خريطة لدول العالم.. وطلبت منه اختيار بلد ليعمل فيه.. فحتماً سيضع إصبعه على بلدنا.. وسيقول لك.. أريد السعودية!

لماذا؟

لأن بلدنا بمثابة (الكنز) لهذه العمالة.. فالرقابة غير مشددة.. والفلوس كثيرة.. لذا تجد العمالة الأجنبية تلعب بالأسعار في بلدنا دون أي مراقبة من أي جهة.

والعمالة الأجنبية هي من تمسك الآن بزمام السوق.. أي سوق.

وإذا أردت أن تتأكد من صحة هذا الحقيقة..

اركب السيارة واذهب إلى أي سوق.. ستجد مجموعة من العمالة الأجنبية تلعب بالأسعار طلوعاً ونزولاً.. اذهب مثلاً إلى سوق السمك، ورش السيارات، سوق الخضار، سوق الأدوات الصحية والكهربائية، المطاعم، البقالات، الكافتريات، الحلاقين، أي سوق.. ستجد أمامك عمالة أجنبية يبيعون ويشترون أي سلعة بالسعر الذي يريدونه.. والمواطن الغلبان - أنا وأنت - ليس أمامنا إلا إخراج المحفظة ودفع المبلغ الذي يطلبه العامل الأجنبي!

وعندي تجارب شخصية كثيرة.. سأذكر واحدة منها: في أحد الأيام احتجت إلى عامل (سبّاك).. وبعد عملية بحث قصيرة وجدت السبّاك (الفلتة).

واتفقت معه على أن يعالج مشكلة سر ندرة الماء في الشقة.. فشقتي تشكو دائماً من ندرة المياه مع أن الخزان ممتلئ بالماء.. ولا أعرف السبب.. وبعد أن اصطحبت العامل إلى الشقة.. بدأ بإصلاح المشكلة.. وبعد ساعة تقريباً انتهى من هذه المهمة.. وأنا أعلم أن ما قام به هذا العامل ليس عملاً خارقاً.. فأنا طلبت منه علاج ندرة الماء في شقتي فقط وليس في العالم العربي!

ولكن.. لقلة معلوماتي في السباكة والكهرباء والسيارات من السهل أن يخدعني أغبى عامل.. فطلب هذا السبّاك مبلغاً (خيالياً).. مبلغاً لا يأخذه عامل عمل من بداية الصباح إلى نهاية المساء، وليس لعامل عمل شيئاً بسيطاً في وقت قصير.. وبعد مفاوضات (ماراثونية) مطولة وشاقة وبعد شد وجذب.. توصلنا إلى اتفاق.. إلى تخفيض المبلغ.. وإن كان العامل - من وجهة نظري - لايستحق المبلغ حتى بعد التخفيض!

ولكني.. أعطيته المبلغ..

وقس على هذه التجربة عشرات ومئات وألوف التجارب.. لي ولغيري من الناس مع العمالة الأجنبية..

ولكن.. هل يوجد حل؟..

أنا وأنت ليس أمامنا - حل - إلا أن نردد البيت الذي قاله عمرو بن معدي كرب:

لقد أسمعت لو ناديت حياً

ولكن لا حياة لمن تنادي!