قصائد الثوار (قصيدة)
قصائد الثوار (قصيدة)/ أبو علي الصبيح
قصائد الثوار (قصيدة)
أبو علي الصبيح
نزلوا أبابيلا على أعدائهم
أرأيت مأسورا يكبل آسرا
___
بدمي أخط قصائد الثوار
فتجيء عصف الموت كالإعصار
وتخذت من ذكرى الجراح منابرا
لأذيع لحن الثأر في أشعاري
وجعلت يومك مهرجان مواجعي
وبه افتتحت وكنت أنت شعاري
طافت على عيني طيوفك خشعا
أحيت عهود زماننا المتواري
جاءت كأحلام المنى خطراتها
كانت بليل توجعي سماري
للمبحرين قوفلا رحلاتهم
متعانقين على بساط نهاري
الراحلين على جناح يمامة
وتزفهم لله في المشوار
قلبي يطير مخضبا بجراحه
دامي الرؤى متوقد الأكدار
يا صاحبي ذكراك توقد في دمي
لهب الكفاح وغضبة التيار
أشعلت ساحات الجهاد أذيعها
عربية تفضي لخير مسار
وعلى شراع الذكريات ولم تزل
في القلب تفتح صمت كل مدار
وحملت منك على التوجع صرخة
تأتي مقدسة الخطى بإزاري
هيهات أنسى يا جراح تفجري
غضبا يحطم أصلد الأسوار
غضبا يمد يد الصمود معابرا
لتكون باب النصر للأقطار
سقط القناع عن الوجوه وقد بدت
ألوانها في زحمة التسيار
يا بطل أي نزيف حزن أشتكي
وأعيد روح الشجو كالأطيار
زار الخيال ولوحت كف النوى
وإلي حج الطيف للإيثار
إني احتسبتك للشهادة معبرا
ولربما أخطأت بالمعيار
بكت المآذن رهبة واستوحشت
لما رحلت متوجا بالغار
لله درك في الجهاد مجاهدا
حرب على المستعمر الغدار
ومسالما ما ناله وضر الدنا
أو غره الإغراء بالدولار
يسعى لدرء الحيف إما أطبقت
خيل الخطوب وأعلنت لحصار
وسواك خاض زحامها وغمارها
ليقال هذا كان كالثوار
ورحلت عن أنظارنا لكنما
في القلب تحضر موكب الزوار
ولقد رجعت وعز أني لم أجد
إلا الحكايا عنك للتذكار
يا صاحبي كم كنت تذكي جذوتي
وتشد من عزمي ومن إصراري
وتقود خطوي في الطريق موجها
وتقيلني من ساحة الإعثار
كم عز إني ما رأيتك واقفا
بين الصفوف مصليا أيها البتار
هيجت كامن لوعتي وجوارحي
وقدحت في الأضلاع زندا وار
قسما بمن فارقتهم في لجها
لن يلمس الأعداء ساحة داري
حتى لتزدحم الصدور سواترا
وتذود عن خطر من الأخطار
إيه أخا الثوار صرخة شاعر
الأرض تروي بالدم الموار
عشر تعدت تستجير من الدما
وتجهمت يا غضبة الأعصار
ضقنا بهم لم ينصفوا لرعية
وكلامهم قد كان محض شعار
ومن الشناعة أن تري جثثا علت
فوق الشوارع ترتجي لمواري
هم قيدونا في قيود وعودهم
وسياسة التقريع واستئجار
حبكوا روايتهم وأتقن دورها
إذ أوكلوا التمثيل للثرثار
قد لفقت حيل بها ومكائد
وتأطرت غربية الأدوار
سنوا لنا دستورهم وتفننوا
في حبكه وتستروا بخمار
هم أتقنوا دور الممثل وارتقى
ليذيعه في نشرة الأخبار
صنعوا الطوائف والمذاهب عنصروا
ألفاظه في جرأة وفخار
جروا إلى التفريق نص بنوده
وتخيلوا أن الجميع يداري
وتخيلوا أوطارهم قد أحكمت
فإذا بها وزر من الأوزار
الشعب في واد يصيح مشردا
والحاكمون تعيش بالأسفار
قاد الغريب زمامهم واستعذبوا
كي يحصلوا وطرا من الأوطار
والشعب يفترش الثرى من جوعه
ويظل يسمع فرية السمسار
كم مات هذا اليوم أي جريمة
أن نكتفي بالمدمع المدرار
قتلى يمثل فيهم في شرعهم
وبذاك تاه العد بالأصفار
يا مجلس ألامن بئت بمجلس
أيظل يبتلع المنون صغاري
تلك القبور وما تزال شواهدا
لجريمة خطت بلا مقدار
لله نحن نعيش في ترويعنا
نحيا الردى بالورد والإصدار
دب الهزال وراح ينخر موطني
والرعب يأكل زهرة النوار
فلكم أقاموا للتفاوض منبرا
لتزول كل عداوة وشجار
ولكم أعدوا للقاء بنودهم
وتكفلوا في دحر كل مماري
ليسود ما بين الرعية أمنهم
ويقيم كل عدالة بجوار
ودعوا قوانين التفرق بيننا
هم فجروا للحرب غيظ شرار
ورموا بكل شنيعة من تاجروا
بدم فلسطين وأوقدوا للنار
لكنهم غاو وجمع حاقد
علنا أساء إلى التسامح جاري
متشامخون على هراء زائف
متوهمون بغفلة الغدار
يا شهيد رحت وأي سفر فواجع
سأخطه متوقد الإنذار
أنا لست أشكو فالشكاة لغيره
ذل وأخشى أن أموت بعاري
يا يا ابن فلسطين إن الحديث يجرني
لمتاهة في موكب الأشرار
فمتى يعود الزحف يجتاح الربى
وتعود خيل الله للمضمار؟
عفوا فقد شط البيان وأوشكت
هذي الحروف تضيق بالأفكار
دم ثائرا إن البلاد بثورة
وأزح إلى الثوار كل ستار
أخذت بروحي الذكريات وأبحرت
في شطها مكلومة الأنوار
ما زلت فينا والنفوس شجية
ذكراك تدعوا بيننا للثار