كيفية التنقل خلال المراهقة مع دماغ ما يزال يتطور:
دماغ المراهقين ما يزال في طور النمو خلال مرحلتهم الحالية من الحياة، فقد يبدأ التطور الجسدي في سن مبكرة تصل إلى 8 سنوات، لكن تصل ذروة تطور الدماغ عند سن 25، فكلما تعرَّض طفلك لأشياء جديدة أو مهارات أو تجارب، زادت اتصالات دماغه.
يتطور الدماغ باستمرار خلال فترة الشباب، فكما لا نتوقع من الرضيع القدرة على الكلام أو من الطفل الصغير فهم بعض العواقب، يجب أن تكون لدينا توقعات مناسبة لمراهقينا، فهذا التطور المستمر يؤدي إلى التجريب، ومن ثمَّ عملية اتخاذ قرارات صحية.
من جهة، يكون المراهقون أكثر ميلاً إلى التجريب واتخاذ قرارات سيئة بسبب تطور أدمغتهم، ولكنَّهم أيضاً أكثر قدرة من الكبار على التعلم من أخطائهم وتغيير منظوراتهم، فالمراهقة فترة ذات إمكانات كبيرة للنمو والتطور ومن المهم اختيار طرق علمية للتعامل مع المراهقين.
ما يحتاج الآباء إلى معرفته عن دماغ أطفالهم في سن المراهقة:
- يخضع الدماغ المراهق لانتقال هائل، سواء من حيث هيكله أم وظيفته، والذي يستمر حتى منتصف العشرينيات، وهي فترة استكشاف، ونمو، وفرص، وضعف.
- يتأثر سلوك المراهقين غالباً بأقرانهم؛ إذ يكون التأثير الاجتماعي في أوجه خلال سنوات المراهقة، فإنَّ المراهقين أكثر عرضة للمخاطر عندما يكونون مع أصدقائهم منه عندما يكونون وحدهم.
- يوجد سبب بيولوجي يجعل من الصعب على المراهقين الاستيقاظ في الصباح والذهاب إلى النوم في الليل؛ إذ إنَّ إيقاعهم البيولوجي الذي يتحكم فيه هرمون الميلاتونين يتغير بنحو ساعتين خلال المراهقة، وهذا يجعلهم يشعرون بالنعاس في وقت متأخر والاستيقاظ في وقت متأخر.
- لا تثير المخاطر الصحية طويلة الأمد أو العواقب القانونية خوفاً كبيراً لدى المراهقين مقارنة بالعواقب الاجتماعية، فالتركيز على كيفية تأثير القرارات المتهورة في علاقاتهم وسمعتهم، أو تقدير الذات قد يكون أكثر فاعلية من تحذيرهم بشأن المستقبل.
- يستخدم دماغ المراهق اللوزة الدماغية؛ وهي الجزء العاطفي من الدماغ، أكثر من القشرة الأمامية؛ وهي الجزء العقلاني من الدماغ، وهذا يعني أنَّ المراهقين أكثر عرضة للتصرف بناءً على التحفيز، والعاطفة، والحدس بدلاً من المنطق، والعقلانية، والتخطيط.
دور الوالدين في تطور دماغ المراهقين:
تساعد عواقب أفعال المراهقين على ربط التفكير الاندفاعي بالحقائق، وهذا يساعد الدماغ على إجراء هذه الاتصالات ويربط الدماغ لجعل هذا الربط أكثر تكراراً؛ إذ يؤدي الوالدان دوراً حيوياً في مساعدة المراهقين على مناقشة العواقب واتخاذ القرارات.
جزء من دور الوالدين خلال هذا الوقت في حياة أطفالهم هو فهم أنَّ المراهقين يمارسون مهارات استدلالية جديدة لم يستخدموها من قبل، وامتلاك التفكير المجرد هو مهارة استدلالية جديدة يحتاجون إلى ممارستها، لذلك فإنَّ تمكين الوالدين لهم بالاستكشاف المختلف للعواقب يكون مفيداً عندما يحاولون اتخاذ قرار.
الجزء الرئيس من الدماغ الذي يتطور خلال هذا الوقت هو الفص الجبهي، ومع تطور هذا الجزء، يكون للمراهقين جاهزية أفضل للتفكير المجرد والوظائف التنفيذية، مثل تخطيط يومهم واتخاذ القرارات، والفص الجبهي مشترك أيضاً في التواصل وكيفية التفاعل مع الآخرين.
يتعلم المراهقون إن حدثت حادثة "أ"، فإنَّ الحادثة "ب" أو "ج" قد تحدث بعد ذلك، ويشعر الآباء بالإحباط من كيفية التعامل مع المراهقين وعلاقاتهم مع أقرانهم وكم قد تكون مشاعرهم متطرفة، لكن قد يكون ذلك بسبب تكوين تلك الاتصالات؛ لذا إنَّ مناقشة العواقب تساعد على تشكيل اتصالات جيدة، واتخاذ القرارات يتطلب الممارسة.
إذا كنت ترغب في العزف على الجيتار، فسوف تأخذ دروساً وتمارس العزف بشكل يومي، وهذا يجعلك أفضل، أما إذا أخذت درساً واحداً فقط على الجيتار، فلن تتعلم العزف أبداً، واتخاذ القرارات نفس الشيء؛ فهو يتطلب الممارسة، ولا يفوت الوقت المناسب لبدء تعليم أطفالنا كيفية اتخاذ قرارات جيدة.
شاهد بالفيديو: نصائح للتعامل مع المراهقين
كيفية تعليم مهارات اتخاذ القرار لمراهقك بطريقة تفاعلية:
تذكَّر أنَّك مثال لسلوك مراهقك، فعندما يحين وقت اتخاذ قرار كبير، أظهر له كيفية إعداد مصفوفة، وحدد معايير ما هو هام بالنسبة إليك وإليه، وعلِّمه عملية اتخاذ القرار بطريقة تفاعلية ولاتنس إدراك حاجات المراهقة وفهمها بشكل صحيح.
ستؤثر نمذجة السلوك الاستدلالي مع مراهقك في كيفية استكشافه وفهمه للعواقب اللاحقة، فإذا اقترب منك وأراد إذناً للقيام بشيء، فلتطلب منه البحث عبر مصادر محترمة واكتشاف ما هو مناسب لعمره، واشمله في عملية اتخاذ القرار، وهكذا تستطيع تزويده بأدوات جيدة بدلاً من اتخاذ القرارات نيابةً عنه.
التحدث مع أطفالك ضروري في العصر الرقمي، فمن الشائع أن يرغب المراهقون في استخدام هواتفهم الذكية على مدار الساعة، ولكنَّ ذلك قد يثير خوفاً شديداً من التخلف، فإنَّ تحديد كيفية إيقاف تشغيل الأجهزة والحاجة المستمرة إلى الاتصال يُعَدُّ أمراً هاماً.
جرب تحديد أماكن أو أوقات خالية من التكنولوجيا في منزلك، مثل طاولة الطعام، وتناوبوا في التحدث حول الطاولة ومشاركة أبرز لحظات يومكم، فقد يثير ذلك محادثات عن أمور أخرى حدثت خلال يومكم وكيف تعاملتم معها، ويمكن للمراهقين أن يتعلموا من خلال الأمثلة.
8 نصائح لمساعدتك على التعامل مع عقل المراهقين:
للحفاظ على علاقة صحية مع مراهقك، تذكَّر هذه النصائح:
- تقبَّل أنَّ دماغ المراهق ليس جاهزاً لاتخاذ بعض الخيارات والقرارات: إنَّه مثل تعليم الفيزياء لطالب في الروضة، فهم ليسوا أغبياء، لكن لن يفهموه لأنَّهم صغار وعقلهم صغير.
- دعهم يرتكبون أخطاء (إن لم تكن أخطاء خطيرة) ولا تحل مشكلاتهم بالنيابة عنهم: الأخطاء معلم جيد؛ لذا دع مراهقك يتعلم قليلاً، فإذا لم يدرسوا لاختبار أو لم يسلموا واجباً، فسوف يتعلمون من العواقب طويلة الأمد.
- افهم أنَّ أقرانهم هم مرجعهم: عندما يكونون في سن 15، ليس الأمر كما لو كانوا يحاولون اتخاذ قرار سيئ؛ بل إنَّهم لا يرونه بهذا الشكل، فإنَّهم يشاهدون أصدقاءهم يفعلون شيئاً ويعتقدون أنَّهم يستطيعون القيام به دون عواقب، وفي نهاية المطاف، سيكتمل نضوجهم ويدركون أنَّ ما فعلوه كان خاطئاً، ولكنَّهم لم يصلوا إليه بعد.
- كن لهم الشخص الداعم والآمن عندما يتعثرون: اسمح لمراهقك بالتحدث معك، فعندما لا يتحدث، فإنَّه غالباً بسبب خوفه من النقد والغضب، وهذا لا يعني أنَّ المراهق لا يجب أن يواجه عواقب أخطائه، ولكنَّه يحتاج إلى الشعور بالحب والاهتمام أيضاً.
- تحدَّث أقل، واستمع أكثر: فقد أعطاك الله أذنين وفماً واحداً، فاستخدم ذلك بوصفه دليلاً في التواصل مع مراهقك، وبدلاً من توبيخك له وقول: "بماذا كنت تفكر؟"، اسأله "ماذا حدث؟ تحدَّث لي عما فعلت"، واسأل أسئلة مفتوحة، ثم دعه يتكلم براحته.
- لا تربط بين الحب والموافقة والأداء: يعتقد بعض الأطفال أنَّ أهلهم سعداء عند رؤيتهم ينجحون في كرة القدم، أو عندما يحصلون على درجات جيدة، أو أنَّ أهلهم غاضبون بسبب قيامهم بعمل خاطئ؛ إذ يحتاج المراهقون إلى معرفة أنَّهم محبوبون ومقدَّرون بصرف النظر عن علاماتهم أو براعتهم الرياضية أو قراراتهم السيئة.
- تعرَّف إلى أصدقائهم واكتشف ما يحدث في حياة أصدقائهم: سيعطيك ذلك فهماً عما يقوم به مراهقك.
- انتبه أمامك مراهق، لذا اعتنِ بعقل مراهقك، وتأكد من أنَّه يهتم أيضاً بذلك.
فيما يأتي بعض الأشياء التي يجب أن تتذكرها:
- الارتجاجات الدماغية مقلقة في هذا العمر، خاصةً إذا كان مراهقك مشاركاً في رياضة ما لا تناسب حجمه أو قوَّته، فقد تتسبب الارتجاجات في أذية طويلة الأمد لدماغ المراهق الذي ما يزال في مرحلة النمو.
- قد يؤثر الكحول والمخدرات تأثيراً كبيراً في دماغ المراهق الذي ما يزال في مرحلة النمو؛ إذ يقول الباحثون إنَّه غير واضح حتى الآن ما إذا كانت هذه التغييرات عكوسة أم لا.
- اتباع نظام غذائي صحي، والتمرين الدوري، والنوم الجيد يساهمون أيضاً في رفع رفاهية دماغ المراهق، حيث تشكل اضطرابات التغذية لدى المراهقين الكثير من المشاكل في أنماط سلوكهم.
في الختام:
يظهر فهم دماغ المراهق بوصفه مهمة حيوية للآباء الذين يسعون إلى توجيه أبنائهم خلال هذه المرحلة الحساسة، فإنَّ التحولات الكبيرة في هيكل الدماغ ووظائفه تلقي الضوء على تحديات جديدة يواجهها المراهقون في تطورهم.
من خلال النظر في مجموعة متنوعة من الجوانب، مثل التأثير الاجتماعي والتطور العقلي، يصبح واضحاً أنَّ دور الوالدين ليس فقط في فهم هذه التحولات؛ بل أيضاً في توجيه أبنائهم نحو تطوير صحي وناجح.
يشدد المقال على أهمية توفير الدعم والإرشاد بشكل مستمر، مع التركيز على بناء جسور التواصل وتعزيز الثقة، فمن خلال هذه الجهود المستمرة، يمكن للآباء أن يساهموا مساهمة كبيرة في تكوين مراهقيهم وتوجيههم نحو مستقبل واعد.
أضف تعليقاً